حكايات موزه وخضره
خضره والتيس البربري
خضره: ما بك تبكين يا موزه؟
موزه: أبكي على حالي، اني أفتقد أبو جراح كثيرا
خضرة: ماذا؟ هل جننت؟ تبكين على رجل وعدك بالزواج ولم يفي بوعده؟ تبكين على رجل صبرت عليه وعلى علله وعقده سنين طوال؟
موزه: نعم سنين طوال، هذه هي المشكلة، كيف تتوقعين مني أن أنسى رجل كان جزء أساسي من حياتي، لقد أمضيت معه أيام أطول من أيامك مع زوجك، هذه عشرة عمر
خضرة: وكيف لك الحق بأن تقارني نفسك معي، لم يكن بينك وبينه شيء سوى حلم، أما أنا فلا، أنا لدي طفل، الا تفهمين؟
موزة: كم أنت حسودة، هل تحسدينني على كوني غير متزوجة؟ انت التي لم تصبري على زوجك، انت التي تركتيه، لم يكن هناك خداع، لم تصدمي بحلم لم يتحقق
خضرة: يا أيتها البلهاء، أنت مازلت بنت والأمل لديك مازال موجود مع واحد أفضل، أنا لدي طفل، ألا تفهمين؟
موزة: أنت جربت الزواج، جربت الحب الحقيقي ولو لم يدم، أنت لبست الفستان الأبيض، تم اختيارك من ضمن عشرات من الفتيات، أنت ذهبت لشهر العسل، زرتي بلدان الشرق الأقصى، أنت كنت بين يدي رجل وسيم أحبك، حملت منه، ولدت، رضعت و شعرت بمعنى الأمومة، أنت كما تعايرني زميلتي المطلقة،،،على الأقل جربت الزواج
خضرة تصرخ وتبكي حرقة: احمدي ربك على النعمة التي أنت فيها، قصتك تعتبر لا شيء بالنسبة لقصتي، لا شيء، وان كنت تتحدثين عن الذرية، فما هي فائدة ذرية من زوج أكرهه، من زوج اتمنى الانفصال عنه اليوم قبل غد، ولدي سيعيش من دون أب
موزة: هذا خطؤك، اصبري على زوجك، ما هو ذنب ابنك الذي سيعيش من دون أب، هل ستيتمينه ووالده على قيد الحياة، الكثير من الزيجات مستمرة من أجل الأبناء، أنا اعتقدت بأنني ليلى وحلمت بتيس هيأ لي بأنه قيس طيلة عشرة سنوات، أنت التي يجب عليها أن تصحو من حلمها القيسي وتتقبل تيسها الذي بين يديها، ليست مشكلة كبيرة ان كنت تكرهي رائحة زوجك، ألم تقل لك د. فوزية دريع بأن تحبيه فتتغير رائحته، ألم أشتري لك عطر الفيرمون لكي يوقظ أحاسيسك، كتاب مارس وفينوس المترجم مازال مستلقيا على منضدتك المغبرة، قلت لك ألفي مره بأن تقرئيه لكي تتعرفي على عقلية الرجال
خضرة: أنا التي تريدينها أن تتعلم عن عقلية الرجال أم أنت؟ ألم أعلمك بأن الرجل ان لم يقل لك بأنه يحبك فلن يقولها طوال عمره؟ صبرت واحتسبت اليوم الذي سيقول فيه بأنه يحبك الى أن اكتشفت بأنك كنت مجرد تيله، يرمي بها باصبعه يمينا وشمالا على مبتغاه، وفي النهاية، رماها بكل عنف حتى انكسرت، انظري الى معدتك المتفوخه وكأنها طمباخية
موزه: هذا سوشي، أنت تعلمين بأن العيش يتفخ بطني
خضره: ها ها، هذا من قولونك العصبي، اليوم عصبي، وغدا الله يستر، كل العلاقات التي بداياتها مرض، نهايتها
موت
موزه: أعوذ بالله، طول عمرك متشائمة
خضرة: على الأقل تشاؤمي ساعدني بتقبل مصيري المر، لم أنصدم مثلك بالحياة
وبعد بضعة أيام، اتصلت خضره بموزة قرابة نصف الليل تصيح وتشكي عيشتها المره مع زوجها، ولكن موزه سئمت من سماع قصصها المتكررة، تظاهرت بالسماع الى أن بدأت بالشخير، خضرة ظلت تنادي من الجانب الآخر من السماعة ولكن دون جدوى
وفي صباح اليوم التالي، تلقت موزه خبر وفاة خضرة، فلقد سمعها زوجها تشكوه على الهاتف، فانهال عليها بالضرب وهو قائل: ألم أقل لك بأن تكتمي سر ضربي لك عن أسرتك؟
وهكذا، علمت موزه بأن المعاناة التي عانت منها خضره و ظنتها سخيفة، كانت معاناة تهدد حياتها، لم تبلغ أهلها بمدى هول مشكلتها، خوفا على حياتها، كل ما طالبت به هو الحصول على الطلاق وحتى الخلع، ولكن لم تكن هناك أذن تسمع، وكيف لها أن تسمع ان كانت جاهلة بحقيقة الواقع
لم يسمع الأهل نداء ابنتهم، ولم تعترف الابنه بالضرب الذي تعرضت له، الاهانة والذل وخوفها على صحة أهلها من خبر سيء كهذا، بالاضافة الى الخوف من معرفة زوجها من نقلها الخبر، اسكتها
موزه الآن تربي ابن خضرة، عيناه الحزينه تذكراها بأختها دائما، موزه تحاول جاهدة اطفاء شخصيته العنيفة جراء فقده لوالدته، وتعيش على ذكرى يوم حب عاشته معتقدة بأن حبيبها كان (ومازال) يحبها